الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي
أحدهما: يرجع به عليه؛ لأنه رجع إليه الثمن لمعنى قارن عقد البيع، فصار كما لو استحق. والثاني: لا يرجع عليه به؛ لأنه يمكنه إن يمسك العين المبيعة إلى أن يسترجع ما دفع من الثمن، فلم يرجع به على الضامن، بخلاف ما لو استحق المبيع. وإن تلف المبيع في يد البائع قبل القبض، أو فسخ البيع، أو كان شقصا، فأخذه الشفيع بالشفعة.. فإن المشتري لا يرجع بالثمن على الضامن؛ لأن الثمن رجع إليه لمعنى حادث بعد العقد، ولم يضمن الضامن إلا الثمن عند استحقاق المبيع.
قلت: والذي يقتضي المذهب: أنه لا يطالبه ببدل الثمن إلا إذا كان الثمن في الذمة، ثم عينه، فضمن ضامن له رداءة المعين، فأما إذا كان الثمن معينا، فوجده رديئا أو معيبا، فرده.. لم يطالب ببدله، بل يطالب بالمبيع.
المنصوص للشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في أكثر كتبه: (أنها صحيحة). وقال في (الدعوى والبينات): (كفالة الوجه عندي ضعيفة). واختلف أصحابنا فيه: فمنهم من قال: تصح الكفالة بالبدن، قولا واحدا، وقوله في (الدعوى والبينات): (ضعيفة) يريد في القياس، وهو قوي في الأثر. وذهب المزني، وأبو إسحاق إلى: أن المسألة على قولين: أحدهما: لا تصح؛ لأنه كفالة بعين، فلم تصح، كالكفالة بالزوجة، وبدن الشاهد، ولأنه ضمان عين في الذمة بعقد، فلم تصح، كما لو أسلم في ثمرة نخلة بعينها. فقولنا: (ضمان عين) احتراز من ضمان الدين، فإنه يصح. وقولنا: (في الذمة) احتراز من البائع، فإنه يضمن العين المبيعة في يده، لا في ذمته، ولو تلفت قبل القبض.. لم يضمنها في ذمته. وقولنا: (بعقد) احتراز من الغاصب، فإنه يضمن العين المغصوبة في يده، وفي ذمته. والقول الثاني: أن الكفالة بالبدن صحيحة، وهو قول شريح، والشعبي، ومالك، وأبي حنيفة، والليث بن سعد، وعبيد الله بن الحسن، وأحمد رحمة الله عليهم، وهو الصحيح؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف: 78]. ولما روي: أن رجلا جاء إلى عبد الله بن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فقال: إني مررت بباب عبد الله بن النواحة، فسمعته يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن مسيلمة رسول الله، فكذبت سمعي، وكففت فرسي حتى سمعت أصحابه في المسجد يضجون بذلك، فأرسل إليه عبد الله بن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فحضر، واعترف بذلك، فقال له عبد الله - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أليس كنت تقرأ القرآن؟ فقال: كنت أتقيكم به. فأمر به، فقتل، ثم شاور أصحاب محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في بقية أصحابه، فأشار بعضهم بقتلهم، وأشار بعضهم بأن يستتابوا، ويتكفل بعضهم عشائرهم، فاستتابهم، فتابوا، وكفلهم عشائرهم. فدل على: أن الكفالة بالبدن كانت شائعة عند الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، إذ لم ينكر عليه أحد من الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - ذلك وإن لم يكن هذا الموضع موضعا تصح فيه الكفالة بالبدن؛ لأنه لم يتوجه عليهم حق، إلا أنه فعله استظهارا عليهم. فإذا قلنا: لا تصح الكفالة بالبدن.. فلا تفريع عليه. وإذ قلنا: تصح.. فإنما تصح الكفالة ببدن كل من يلزمه الحضور إلى مجلس الحكم بدين؛ لأنه دين لازم، فصحت الكفالة ببدن من عليه الحق. كالدين.
أحدهما: أنه لما لم تصح الكفالة بما عليه من الحق.. لم تصح الكفالة ببدن من عليه. والثاني: لا؛ لأن الكفالة وثيقة، وحدود الله لا يستوثق لها؛ لأنها تسقط بالشبهات. وإن كان الحد للآدمي، كحد القذف، والقصاص.. فهل تصح الكفالة ببدن من عليه؟ فيه وجهان: أحدهما: لا تصح؛ لأنه لا تصح الكفالة بما عليه من الحق، فلم تصح الكفالة ببدنه، كمن عليه حد الزنا. والثاني: تصح الكفالة ببدنه؛ لأن عليه حقا لآدمي، فصحت الكفالة ببدنه، كما لو كان له عليه دين.
قال ابن الصباغ: وإن تكفل ببدن صبي أو مجنون.. صحت الكفالة؛ لأن الحق يجب عليهما، وقد يحتاج عليهما، وقد يحتاج إلى إحضارهما للشهادة عليهما للإتلاف. وإن رهن رجل شيئا، ولم يسلمه، فتكفل رجل عيه بتسليمه.. لم يصح؛ لأن تسليمه غير لازم له، فلم تصح الكفالة به. وإن ادعى على رجل حقا، فأنكره.. جازت الكفالة ببدنه؛ لأن عليه حق الحضور، والكفالة واقعة على إحضاره.
وقال مالك، وأبو العباس ابن سريج: (يلزم الكفيل ما كان على المكفول به من الدين للمكفول له؛ لأن الكفالة وثيقة بالحق، فإذا تعذر الحق من جهة من عليه الدين.. استوفى من الوثيقة، كالرهن). دليلنا: أنه تكفل ببدنه لا بدينه، فلم يلزمه ما عليه من الدين، كما لو غاب، ويفارق الرهن؛ لأنه علق به الدين، فاستوفى منه، وهاهنا لم يتكفل إلا بإحضاره، وقد تعذر إحضاره بموته. فإذا قلنا بالمذهب: صحت الكفالة ببدن من عليه دين مجهول عند الكفيل. وإذا قلنا بقول أبي العباس.. لم تصح الكفالة ببدن من عليه دين مجهول عند الكفيل.
وقال أبو حنيفة، وأبو يوسف: (إن لم يحضره.. وجب عليه المال). دليلنا: أن هذا حضر، فلم يجز تعليق الضمان عليه، كما لو قال: إن جاء المطر.. فأنا ضامن ببدنه. وإن قال: تكفلت لك ببدن زيد، على أني إن جئت به، وإلا فأنا كفيل لك ببدن عمرو.. لم يصح؛ لأنه لم يلتزم إحضار أحدهما، فصار كما لو تكفل بأحدهما لا بعينه. وإن تكفل ببدن رجل بشرط الخيار.. لم تصح الكفالة. وقال أبو حنيفة: (يفسد الشرط، وتصح الكفالة). دليلنا: أنه عقد لا يجوز فيه شرط الخيار، فإذا شرط فيه الخيار.. أبطله، كالصرف. ولو أقر رجل، فقال: إنما تكفلت لك ببدن فلان على أن لي الخيار.. ففيه قولان: أحدهما: يقبل إقراره في الجميع، فيحكم ببطلان الكفالة، كما لو قال: له علي ألف درهم إلا خمسمائة. والثاني: يقبل إقراره في الكفالة، ولا يقبل في أنه كان بشرط الخيار؛ لأنه وصل إقراره بما يسقطه، فلم يصح، كما لو قال: له علي ألف درهم إلا ألف درهم.
فإن شرط إحضاره حالا.. لزمه إحضاره في الحال، كما لو تكفل بدين حال، وإن تكفل ببدنه، وأطلق.. اقتضى ذلك إحضاره في الحال، كما قلنا فيمن باع بثمن، وأطلق.. فإن ذلك يقتضي الحلول، وإن تكفل ببدنه إلى أجل معلوم.. صحت الكفالة، ولا يلزمه إحضاره قبل ذلك، كما إذا ضمن الدين إلى أجل معلوم. وإن تكفل ببدنه إلى أجل مجهول.. فهل تصح؟ فيه وجهان: أحدهما: تصح، كما تصح العارية إلى أجل مجهول. والثاني: لا تصح، وهو الصحيح؛ لأنه إثبات حق في الذمة لآدمي، فلم تصح إلى أجل مجهول، كضمان المال، وتخالف العارية، فإنها لا تلزم، ولهذا لو أعاره إلى مدة.. كان له الرجوع فيها قبل انقضائها، ولو تكفل له بدينه إلى أجل معلوم.. لم يكن له المطالبة به قبل حلول الأجل، ولأن العارية تجوز من غير تعيين، ولهذا لو قال: أعرتك أحد هذين الثوبين.. جاز، ولو قال: تكفلت لك ببدن أحد هذين الرجلين.. لم يجز.
فعلى هذا: يسلمه في موضع العقد، كما تصح الكفالة بالبدن حالا ومؤجلا، وإذا أطلق.. اقتضى الحلول. فإذا تكفل له ببدن رجل ليسلمه إليه في بلد معين، فسلمه إليه في غير ذلك البلد.. لم يلزم المكفول له قبوله؛ لأن عليه مشقة في تسليمه في غير ذلك البلد، وقد يكون له غرض في تسلمه في عين ذلك البلد، وإن تكفل له ببدنه ليسلمه في موضع معين من البلد، بأن يقول: في مجلس القاضي أو في مسجده، فسلمه إليه في ذلك البلد، في غير ذلك الموضع المعين.. فهل يلزمه قبوله؟ فيه وجهان لأبي العباس: أحدهما: لا يلزمه قبوله، كما لو تسلمه في غير ذلك البلد. والثاني: يلزمه قبوله؛ لأن العادة أنه لا مؤنة عليه في نقله من موضع في البلد إلى موضع فيه.
وإن تكفل رجل لرجل ببدن رجل بغير إذن المكفول به.. فهل تصح؟ فيه وجهان: أحدهما قال عامة أصحابنا: لا تصح؛ لأن المقصود بالكفالة بالبدن إحضار المكفول به عند المطالبة، فإذا كان ذلك بغير إذنه.. لم يلزمه الحضور معه، فلا تفيد الكفالة شيئا. فعلى هذا: إذا تكفل ببدن صبي، أو مجنون.. لم يصح ذلك إلا بإذن وليه؛ لأن الصبي والمجنون لا إذن لهما. والثاني قال أبو العباس: تصح الكفالة بالبدن من غير إذن المكفول به. كما يصح الضمان عليه بالدين من غير إذنه. قال أبو العباس: فعلى هذا: إذا قال المكفول له للكفيل: أحضر المكفول به.. وجب على الكفيل أن يطالب المكفول به بالحضور. فإذا طالبه.. وجب على المكفول به الحضور من غير جهة الكفالة، ولكن لأن صاحب الحق قد وكل الكفيل بإحضاره. وإن قال المكفول له للكفيل: اخرج إلي من كفالتك، أو رد علي كفالتي.. فهل يلزم المكفول به الحضور؟ فيه وجهان: أحدهما: يلزمه؛ لأن ذلك يتضمن الإذن في إحضاره، فهو كما لو وكله بإحضاره. والثاني: لا يلزمه الحضور؛ لأنه إنما طالبه بما عليه من الإحضار. قال أبو العباس: فعلى هذا: للمكفول له حبس الكفيل. قال ابن الصباغ: وهذا يدل عندي على فساد ما قاله؛ لأنه يحبس على ما لا يقدر عليه.
أحدها: تصح؛ لأنه لا يمكن تسليم نصفه، أو ثلثه إلا بتسليم جميع البدن، ولا تسلم إليه اليد والرجل، إلا على هيئتها عند الكفالة، وذلك لا يمكن إلا بتسليم جميعه. والثاني - وهو قول القاضي أبي الطيب، وحكاه ابن الصباغ عن الشيخ أبي حامد -: أنه لا تصح؛ لأن ما لا يسري إذا خص به عضو، أو جزء مشاع.. لم يصح، كالبيع منه، والإجارة، والوصية، وفيه احتراز من العتق، والطلاق. والثالث: إن تكفل بما لا يبقى البدن إلا به، كالرأس، والقلب، والكبد، والنصف، والثلث.. صح؛ لأنه لا يمكن تسليم ذلك إلا بتسليم جميع البدن، وإن تكفل بما يبقى البدن دونه، كاليد، والرجل.. لم يصح؛ لأنه قد تقطع منه، ويبقى البدن، ولا فائدة في تسليمه وحده.
فإن كان عليه في قبوله ضرر بأن يكونه حقه مؤجلا، أو كان حقه حالا إلا أن له به بينة غائبة.. فإنه لا يلزمه قبوله؛ لأن عليه ضررا في قبوله. وإن لم يكن عليه في قبوله ضرر، مثل: أن يكون حقه حالا، وبينته حاضرة.. لزمه قبوله. لأنه لا ضرر عليه في قبوله، فإن امتنع من تسلمه.. قال الشيخ أبو حامد: رفعه الكفيل إلى الحاكم، وسلمه إليه ليبرأ، وإن لم يجد حاكما.. أحضر شاهدين يشهدان بتسليمه، أو امتناع المكفول له. وذكر القاضي أبو الطيب: أنه يشهد على امتناعه رجلين. قال ابن الصباغ: وهذا أقيس؛ لأن مع وجود صاحب الحق لا يلزمه دفعه إلى من ينوب عنه، من حاكم، أو غيره. وإن أحضره الكفيل، وهناك يد سلطان لا يقدر عليه، يمنع منه.. لم يبرأ الكفيل بذلك؛ لأن المستحق تسليمه من غير حائل، وإن سلمه، وهو في حبس الحاكم.. لزمه أن يتسلمه؛ لأن حبس الحاكم لا يمنعه من استيفاء حقه، فإن كان حقه قد ثبت عليه بالبينة، أو بالإقرار.. حبسه الحاكم به، وبالحق الذي كان محبوسا به، وإن لم يكن حقه قد ثبت عليه، فطلب إحضاره.. فإن الحاكم يحضره ليحكم بينهما، فإن ثبت له عليه حق، وطلب حبسه.. فإن الحاكم يحبسه به وبالحق الأول، فإذا سقط حق أحدهم.. لم يجز تخليته إلا بعد سقوط حق الآخر. وإن جاء المكفول به إلى المكفول له، وسلم نفسه إليه.. برئ الكفيل، كما يبرأ الضامن إذا دفع المضمون عنه مال الضمانة.
فإن كان غيبته إلى موضع معلوم.. فعلى الكفيل أن يحضره، فإذا مضت مدة يمكنه فيها الذهاب إليه، والمجيء به، ولم يأت به.. حبسه الحاكم. هذا قولنا. وقال ابن شبرمة: يحبس في الحال؛ لأن حقه قد توجه عليه. وهذا ليس بصحيح؛ لأن الحق، وإن كان قد حل، فإنه يعتبر فيه إمكان التسليم، وإنما يجب عليه إحضار الغائب عند إمكان ذلك. وإن كان غائبا غيبة منقطعة لا يعلم مكانه.. لم يطالب الكفيل بإحضاره، ولم يحبس؛ لأنه لا يمكن المطالبة برده. فلم يطالب به، كمن عليه دين هو معسر به.. فإنه لا يطالب به. وإن أبرأ المكفول له المكفول به من الحق.. برئ المكفول به، وبرئ الكفيل؛ لأنه فرع له، فإذا برئ الأصل.. برئ الفرع. وإن أبرأ الكفيل.. برئ الكفيل، ولم يبرأ المكفول به، كما قلنا في المضمون له إذا أبرأ الضامن.
أحدهما قال أبو العباس: تصح كفالة الثاني، ويبرأ الأول؛ لأن الثاني قد حول الكفالة إلى نفسه، فبرئ الأول، كما لو كان له حق فاحتال به على آخر. والثاني: قال الشيخ أبو حامد، والقاضي أبو الطيب: لا تصح الكفالة الثانية، ولا يبرأ الأول؛ لأن الكفالة والضمان لا تحول الحق، فكفالة الثاني لا تبرئ الأول من كفالته، وإذا لم يبرأ الأول.. فلم يتكفل له الثاني إلا بهذا الشرط، وإذا لم يصح الشرط.. لم تصح الكفالة.
وإن تكفل رجلان لرجل ببدن رجل، فأحضره أحدهما إلى المكفول له.. برئ الذي أحضره، وهل يبرأ الكفيل الآخر؟ فيه وجهان: أحدهما: وهو قول المزني، والشيخ أبي إسحاق -: أنه يبرأ كما لو ضمن رجلان لرجل دينا على رجل، فأداه أحدهما.. فإن الآخر يبرأ. والثاني - وهو قول أبي العباس، والشيخ أبي حامد، والقاضي أبي الطيب، وابن الصباغ -: أنه لا يبرأ الآخر؛ لأن الحق باق لم يسقط، والكفيلان وثيقتان، فلا تنفك إحدى الوثيقتين بانفكاك الأخرى، كما لو كان الحق مرهونا، فانفك أحدهما مع بقاء الحق.. فإنه لا ينفك الباقي منهما، ويفارق إذا قضى أحد الضامنين المال المضمون به.. فإن الحق هناك قد سقط، فانفكت الوثيقة، وهاهنا الحق لم يسقط.
أحدهما: يبرأ المكفول به مما عليه، وتبطل الكفالة؛ لأن قوله: (لا حق لي قبله) نفي في نكرة، فاقتضى العموم. والثاني: يرجع إليه، فإن قال: أردت به: لا شيء لي عليه.. بطلت الكفالة، وبرئ المكفول به، وإن قال: أردت به: لا حق لي عليه من عارية أو وديعة، وصدقه الكفيل والمكفول به.. قبل قوله، وإن كذباه أو أحدهما.. فالقول قوله مع يمينه؛ لأنه أعلم بنيته. وإن قال: لا حق لي في ذمته، ولا في يده.. برئا جميعا. قيل للشيخ أبي حامد: فإذا كان لرجل على رجل دين، فقال: لا حق لي قبله.. فقال: هو على هذين الوجهين.
وإن قال الضامن: ضمنت وأنا مجنون، وقال المضمون له: بل ضمنت وأنت عاقل، فإن أقام المضمون له بينة أنه ضمن له وهو عاقل.. حكم له بصحة الضمان، وإن لم تكن له بينة، فإن لم يعرف للضامن حال جنون.. فالقول قول المضمون له مع يمينه؛ لأن الأصل صحة الضامن، وإن عرف له حال جنون.. فالقول قول الضامن مع يمينه؛ لأنه يحتمل أنه ضمن في حال الجنون، ويحتمل أنه ضمن في حال الإفاقة، والأصل براءة ذمته.
أحدهما: لا تسمع هذه البينة، ولا يحكم له على الضامن بشيء؛ لأن الذي عليه الحق إذا كان مجهولا.. لم يثبت حقه، وإذا لم يثبت على الأصل.. لم يثبت على الضامن. والثاني: يحكم له على الضامن؛ لأن البينة قد قامت عليه بذلك، ألا ترى أنها لو شهدت بأن له عليه ألفا من جهة الضمان.. سمعت، فكذلك هذا مثله. |